علم الفلك، أو بالإنجليزية (Astronomy): هو العلم الذي يقوم بدراسة السماء وما فيها من أجرام، مثل: الشمس والقمر، والكواكب والنجوم، والنيازك والمذنبات، وغير ذلك. حيث يَدْرُس هذا العلم نشأة تلك الأجرام وتطورها، والأحوال التي تمر عليها. ويرتبط علم الفلك ارتباطًا وثيقًا مع علومٍ أخرى، كعلم الفيزياء والرياضيات.
لا يعتبر علم الفلك من العلوم الحديثة النشأة، وإنما يعتبر من العلوم القديمة التي أسَّسَهَا واشتغل فيها العلماء قديمًا، حيث تطور هذا العلم على مر العصور والأزمان، إلى أن وصل إلى ما وصل إليه في زماننا من تقدمٍ وتطور. يقوم الفلكييون بجمع المعلومات الفلكية عن طريق عمليات الرصد للأجرام السماوية، حيث تم ومنذ القديم إنشاء العديد من الأماكن المخصصة لعمليات الرصد، والتي تسمى بالمراصد.
ويستعين الفلكيون في هذا الرصد بالعديد من الأدوات، كالتليسكوب بأنواعه المختلفة، والأسطرلاب الذي استعمل قديمًا، وغيرها. وينقسم علم الفلك بشكل أساسي إلى فرعين، وهما: علم الفلك الرصدي. علم الفلك النظري. حيث يعتمد علم الفلك الرصدي في دراسة الأجرام السماوية على عمليات الرصد التي تتم في المراصد المخصصة لهذا الغرض.
وقد كانت عمليات الرصد قديمًا تتم بواسطة العين المجردة، وكانت تتم أيضًا بواسطة العديد من الأدوات كالأسطرلاب، وأصبحت تتم في العصور الحديثة بواسطة التيليسكوبات التي تطورت كثيرًا مع الزمن، وصار يوجد منها أنواعٌ كثيرة. أما علم الفلك النظري، فهو يعتمد في دراسة الأجرام السماوية على النظريات الفلكية، والحسابات الفيزيائية والرياضية، وبناء النماذج النظرية التي تفسر الظواهر الفلكية. ويعتبر هذا العلم مكملًا لعلم الفلك الرصدي، إذ أن المعلومات الفلكية التي يتم جمعها بواسطة الرصد يتم تحليلها ودراستها بواسطة هذه النظريات.
تعتبر دراسة الأفلاك والأجرام السماوية بالنسبة للمسلمين دراسةً مهمةً ومفيدةً جدًا، حيث يتمكن المسلم بواسطة هذه الدراسة من الحصول على العديد من المعلومات التي تهمه وتساعده في أداء بعض العبادات، ومنها: معرفة أوقات الصلوات، ومعرفة موعد دخول شهر رمضان المبارك وخروجه عن طريق مراقبة الهلال.
وعندما جاء الإسلام حصل تطورا هائلا في فترة ازدهار الدولة الإسلامية وذلك لارتباط الفلك بالدين من حيث العبادات لحساب مواقيت الصلاة وتحديد أوائل الشهور العربية أو لفهم بعض الآيات الكونية حيث حث الله المؤمنين في مواضع شتى للنظر إلى السماء والتفكر في آياتها ، قال تعالى : ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب …………) .
كما قام المسلمون بترجمة الكتب وتنقيحها وتصحيحها، ووضعوا ذلك في كتب تضمنت جداول ومعلومات أسموها (الأزياج) ، ووضعوا الكثير من الأسس والقواعد الفلكية المهمة، بل برهنوا على دوران الأرض والكواكب حول الشمس، وقد بذلوا جهدا كبيرا في وضع قواعد لضبط مواقيت الصلاة، كما استنتجوا طرقا لحساب بداية الشهور العربية وضبط التقويم الهجري، كما أجروا التجارب العلمية لحساب خطوط الطول والعرض لشتى المدن الإسلامية وغير ذلك الكثير .
ويكفي المسلم فخرا شهادة المستشرقيبن، حيث يقول (جورج سارتن) في كتابه (المدخل لتاريخ العلوم) : إن البحوث التي قام بها العرب والمسلمين في حقل الفلك كانت مفيدة للغاية، إذ أنها هي بالحقيقة التي مهدت الطريق للنهضة الفلكية الكبرى التي ازدهرت في عهد (كبلر) و(كوبرنيك)، ويقول (شكات) في كتابه (تاريخ الرياضيات): كانت قياسات علماء العرب والمسلمين في الفلك إلى حدّ كبير أصح من قياسات اليونان .
وكوننا متأثرون لغويّا وحضاريّا بما لدى الغرب من تقدم علمي، حيث أدخلنا بعض الألفاظ الأجنبية في لغتنا، وهو نفس الحال والإحساس الذي كان يتملك الغرب في العصور الوسطى نحو المسلمين ، حيث اهتموا باللغة العربية وأدخلوا بعض المسميات العربية في ترجماتهم .
وفي الحضارة الحديثة استطاع الإنسان أن يطور طرق الرصد حتى أصبحت لديه القدرة على رصد المجرات والتعرف عليها ، فقد تم النجاح في التعمق في دراسة الكون للتعرف على ما فيه حتى استطاع ارتياد الفضاء، وجعل المركبات الفضائية تتجول في الفضاء بين كواكب المجموعة الشمسية .
وكذلك فإن دراسة علم الفلك مفيدة من ناحية إيمانية، فالله سبحانه وتعالى قد أمرنا في كتابه الكريم بالتأمل في هذا الكون العظيم، وفي خلق السماوات والأرض، وذلك حتى يعرف المسلم عظمة الخالق وحُسْن تدبيره في هذا الكون، فيزداد بهذا إيمانًا ويقيناً .