النص:
نحن بحاجة إلى فن حماسي. الحماسة تعني الشجاعة. أنا إلى الآن ما شعرتُ بالخوف. هل أنت شجاع، أم..؟ هل أنت شجاع، أم..؟ إذا أضاف الإنسان ميوله إلى معلوماته كان له بالغ الأثر في رؤيته. وجود الخوف في كيانك يجعلك تنظر إلى الأحداث بمنظار ما أما إذا كنت شجاعاً فستتغير نظرتك إلى هذه الأحداث. مَن ذا الذي في مقدوره إنتاج عمل حماسي؟ إنه الذي يتمتع برؤية حماسية. ومَن الذي يمتلك الرؤية الحماسية؟ تحتاج لذلك إلى أن تمتلكَ صفة الشجاعة أن تكون شجاعاً.. أن لا تهاب شيئاً.
لا بد أنكم سمعتم القصة التي يقول فيها أمير المؤمنين(ع): إنهم انتزعوا الحجل من رجل الفتاة اليهودية وإنه «لَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً»؟ نعم؟.. الكل قد سمع بها إذن. نص الرواية هو هذا، النص لا يقول: للمرء الحق أن يموت حسرة لأن فتاة يهودية أو مسلمة سُلبَت حِجلها! الإمام(ع) يقول: سمعت أن هذا الأمر قد حدث فلم يشهر أحدٌ سيفَه! ثم إن الرجال أخذوا يترجّون الغزاة ويستعطفونهم كي لا يفعلوا ذلك!! لأجل سماع خبر كهذا من حقّ المرء أن يموت حسرةً! اختلفت القضية أم لا؟ أين تحسّر علي بن أبي طالب(ع) هنا؟ ما هي نظرته؟ نظرته إلى هذا “الظُلمِ” لم تكن شديدة بقدر نظرته إلى ذلك “الانظلام”. إنه فارق في الرؤية.
إذا أضاف الإنسان ميوله إلى معلوماته كان له بالغ الأثر في رؤيته. إذن، مَن ذا الذي باستطاعته إنتاج عمل حماسي؟ هو، بلا مؤاخذة، من تكون رؤيته أشبه برؤية أمير المؤمنين(ع)، وإلا فالناس يتأثرون على كل مظلوم؛ أخ أخ أخ أخ، أيّ ضربة! آه، آه لا أطيق النظر.. أستحلفك بالله، لا تُرِني مثل هذه المشاهد بعد الآن.. حوّل القناة، اقلب على القناة الأخرى. أجل، معلوم أنّ الجميع يستاء من الظلم.. أهو إنجاز أن تستاء من الظلم؟! هذه ليست حماسة؟ أساساً، ما صلتُك أنت بالحماسة؟! السيد القائد في مناسبات الخامس من حزيران (رحيل الإمام) في مرقد الإمام الخميني (ره) عندما يريد التعريف بالإمام يشير باستمرار إلى صفة الشجاعة عنده. الإمام الراحل نفسه، وهو العارف، كان يقول: «أنا لا أعرف شيئاً عن ذلك الذي يسميه الناس “الخوف”! أنا إلى الآن ما شعرت بالخوف» قال ذلك لبناته، وزوجه: «أصلاً أنا لا أفهم بالضبط ما معنى قولهم إن فلاناً يخاف من كذا!!»
فإذا زال خوفك، فستصيبُ رؤيتُك. ولن تستطيع أمريكا أن ترتكب أي حماقة.
ـ لكن.. يا حضرة الإمام، عذراً.. فأمريكا بوسعها ارتكاب بعض الحماقات. أجل، يمكن القول من باب الشتم: «أولاد الكذا.. تخسأون إن ارتكبتم أيّ حماقة». لكن، بوسعها ارتكاب حماقة ما. نعم، لك أن تقول لها شيئاً ما، باعتبارك زعيماً وقائداً، لتستثير شجاعتنا!..» كلا، الإمام الخميني كان ناقداً حقيقةً.. حقيقةً، ما كان يمزح، ولا يجامل، ولم يكن يطلق كلاماً إعلامياً. وهناك نماذج كثيرة، إحداها قصة البارجة التي ما إن دخلت الخليج الفارسي حتى أمَرَ الإمام بضربها. كتبوها أنفسُهم في مذكّراتهم؛ بارجة.. علّها أمريكية، جاءت إلى الخليج الفارسي لإسناد صدام، أصدر أمره أن: اضربوها، لكن المسؤولين لم يجرؤوا على ضربها، ظلوا يجادلون الإمام فيها، فكان يقول لهم: لن يحصل شيء، اضربوها!
آه لو كنّا ضربناها! شجاعة الإمام كانت تزوّده برؤية صائبة. لماذا الرؤية لها قيمة؟ لأنها مؤشّر على نزعاتك، فما لم تكن نزعاتك قويمة سوف لا تصل إلى الرؤية المميَّزة الدقيقة، لاسيما الرؤية الحماسية. نحن بحاجة إلى فن حماسي. الحماسة تعني الشجاعة، تحتاج إلى أن تمتلكَ صفة الشجاعة، أن تكون شجاعاً.. أن لا تهاب شيئاً.. هل أنت شجاع، أم..؟