ولادة الحوراء زينب عليها السلام
نبارك للإمام صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه الشريف) ولولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي (مدّ ظلّه العالي) ولعموم المؤمنين لا سيما المجاهدين ذكرى ولادة عقيلة الطهر السيدة زينب بنت الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) في الخامس من شهر جمادى الأولى.
وضعت الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) وليدتها المباركة التي لم تولد مثلها امرأة في الإسلام إيماناً وشرفاً وطهارةً وعفةً وجهاداً، وقد استقبلها أهل البيت (عليهم السلام) بالابتهاج والفرح والسرور، وأجرى الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لوليدته المراسيم الشرعية، فإذّن في أُذنها اليمنى، وأقام في اليسرى.
عبادة زينب (ع): لقد تحدّث علماء السيرة عن عبادة زينب بنت علي ابن أبي طالب (عليها السلام) فقالوا:”لقد كانت في عبادتها ثانية أمها الزهراء (عليها السلام) وكانت تقضي عامة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن”.
ويصفها بعضهم بالقول:.. كانت (عليها السلام) كثيرة الخلوة بربها غارقة في سبحات مناجاتها حتى إذا ضمها الليل وغارت النجوم وهدأت الأصوات وسكنت الحركات ونامت العيون وأغلقت أبواب الملوك نصبت أقدامها للعبادة فبدت سريعة الدمعة كثيرة الخوف كبيرة الرجاء تناجي ربها وتقول: يا من لبس العز وتردى به، وتعطف بالمجد وتحلى به، أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامات التي تمت صدقاً وعدلاً، أن تصل على محمّد وآل محمّد الطيبين الطاهرين وأن تجمع لي خيري الدنيا و الآخرة.
ألقابها (سلام الله عليها): أما ألقابها فإنّها تنمّ عن صفاتها الكريمة وهي: – عقيلة بني هاشم: و(العقيلة) هي: المرأة الكريمة على قومها، والعزيزة في بيتها، والسيّدة زينب أفضل امرأة، وأشرف سيّدة في دنيا العرب والإسلام، وكان هذا اللقب وساماً لذرّيتها فكانوا يلقّبون بـ (بني العقيلة). – العالمة: وحفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) من السيّدات العالمات في الأسرة النبوية، فكانت فيما يقول بعض المؤرخين: مرجعاً للسيّدات من نساء المسلمين يرجعن إليها في شؤونهن الدينية. – عابدة آل عليّ: وكانت زينب من عابدات نساء المسلمين، حيث ورد عنها في كتب السيَر أنّها لم تترك نافلة من النوافل الإسلامية إلاّ أتت بها. – الفاضلة: وهي من أفضل نساء المسلمين في جهادها وخدمتها للإسلام، وبلائها في سبيل الله.
قدراتها العلميّة: ممّا يدلّ على مزيد فضلها وسعة معارفها أن الإمام زين العابدين(عليه السّلام) كان يروي عنها، وكذلك كان يروي عنها عبد الله بن جعفر، والسيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين (عليه السلام)، ولمّا كانت في الكوفة في أيام أبيها كان لها مجلس خاص تزدحم عليها السيّدات فكانت تلقي عليهن محاضرات في تفسير القرآن الكريم، كما كانت المرجع الأعلى للسيّدات من نساء المسلمين، فكنّ يأخذن منها أحكام الدين وتعاليمه وآدابه، ويكفي للتدليل على فضلها أنّ ابن عباس حبر الأمة كان يسألها عن بعض المسائل التي لا يهتدي لحلّها، كما روى عنها كوكبة من الأخبار، وكان يعتزّ بالرواية عنها، ويقول: (حدّثتنا عقيلتنا زينب بنت علي)، وقد روى عنها الخطاب التأريخي الذي ألقته أمها سيّدة النساء فاطمة (عليها السّلام) في جامع أبيها (صلّى الله عليه وآله)، وقد نابت عن ابن أخيها الإمام زين العابدين(عليه السّلام) في أيام مرضه، فكانت تجيب عمّا يرد عليه من المسائل الشرعية، وقد قال(عليه السّلام) في حقها: “إنها عالمة غير معلّمة”، وكانت ألمع خطيبة في الإسلام، فقد هزّت العواطف، وقلبت الرأي العام وجنّدته للثورة على الحكم الأموي، وذلك في خطبها التأريخية الخالدة التي ألقتها في الكوفة ودمشق، وهي تدلّل على مدى ثرواتها الثقافية والأدبية.
لقد نشأت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في بيت الوحي ومركز العلم والفضل، فنهلت من نمير علوم جدّها وأبيها وأخويها، فكانت من أجلّ العالمات، ومن أكثرهنّ إحاطة بشؤون الشريعة وأحكام الدين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين