قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، فإنّ فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً»[1].
فقوله: «لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة» يعني أنّها جمال الله وحسنه.
ثمّ خلق الله سبحانه آدم أبا البشر من ماء وتراب بيد ملائكته، فهو في خلقته العنصريّة من العناصر الأربعة المادّية، ولكن خلق فاطمة الزهراء (عليها السلام) في خلقتها العنصرية إنّما كان من شجرة طوبى في الجنّة التي غرسها الله بيده يد القدرة المطلقة، فهي من عنصر ملكوتي في صورة إنسان ناسوتي، فهي الحوراء الإنسيّة.
عن العيون وأمالي الشيخ بسندهما، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): “لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنّة، فناولني من رطبها، فأكلت فتحوّل ذلك نطفة في صلبي، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة حوراء إنسيّة، فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رائحة ابنتي فاطمة”[2].
لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة عليها وعلى أبيها وبعلها وأولادها ألف ألف تحيّة وسلام، فأنكرت عائشة ذلك فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “يا عائشة، إنّي لمّا اُسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحوّل الله ذلك ماءً في ظهري، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبّلتها قطّ إلاّ وجدت رائحة شجرة طوبى منها”[3].
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (شجرة طوبى شجرة يخرج من جنّة عدن غرسها ربّها بيده)[4].
وعن حارثة بن قُدامة قال: حدّثني سلمان قال: حدّثني عمّار وقال: اُخبرك عجباً؟ قلت: حدّثني يا عمّار؟ قال: نعم شهدت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وقد ولج على فاطمة (عليها السلام) فلمّا أبصرت به نادت: اُدن لاُحدّثك بما كان وبما هو كائن وبما يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة . قال عمّار: فرأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) يرجع القهقرى، فرجعت برجوعه إذ دخل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال له: اُدن يا أبا الحسن، فدنا فلمّا اطمأنّ به المجلس قال له: تحدّثني أم اُحدّثك؟ قال: الحديث منك يا رسول الله، فقال: كأنّي بك قد دخلت على فاطمة وقالت لك كيت وكيت فرجعت، فقال عليّ (عليه السلام): نور فاطمة من نورنا؟ فقال (صلى الله عليه وآله): أوَ لا تعلم؟ فسجد عليّ شكراً لله تعالى . قال عمّار: فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) وخرجت بخروجه، فولج على فاطمة (عليها السلام) وولجت معه، فقالت: كأنّك رجعت إلى أبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته بما قلته لك؟ قال: كان كذلك يا فاطمة، فقالت: اعلم يا أبا الحسن إنّ الله تعالى خلق نوري، وكان يسبّح الله جلّ جلاله، ثمّ أودعه شجرة من شجر الجنّة، فأضاءت، فلمّا دخل أبي الجنّة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك، ففعل، فأودعني الله سبحانه صلب أبي (صلى الله عليه وآله) ثمّ أودعني خديجة بنت خويلد، فوضعتني، وأنا من ذلك النور، أعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، يا أبا الحسن، المؤمن ينظر بنور الله تعالى[5].
عن زيد بن موسى بسنده عن عليّ (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّ فاطمة خُلقت حورية في صورة إنسيّة، وإنّ بنات الأنبياء لا يحضن)[6].
ففاطمة الزهراء حوراء إنسيّة، اشتقّ اسمها من اسم الله ومسمّاها من شجرة غرسها الله بيده، فما أحلى اسمها ومعناها وجمالها وكمالها وجلالها.
«سبحان من فطم بفاطمة من أحبّها من النار» [7].
* السيد عادل العلوي – بتصرّف
* شبكة المعارف الإسلامية – بتصرّف
[1] فرائد السمطين 2: 68. [2] البحار 8: 119. [3] المصدر: 120. [4] المصدر: 143، عن العيّاشي. [5] بهجة قلب المصطفى: 287، عن عوالم المعارف 11: 6 ـ 7. [6] دلائل الإمامة: 52. [7] مصباح المتهجّد: للشيخ الطوسي، في أعمال شهر رمضان: 575.