لماذا نحن عاجزون عن تربية أطفالنا وشبابنا، بينما نرى جبهات القتال وفترة الدفاع المقدس – حيث طُرحَت قضية «الشهادة»، وهي النوع الأسمى للحياة – قد رَبَّتْ هذا العدد الغفير من الناس؟! ذلك لأننا حَوّلنا القضية إلى مسخرة! أهذه هي طريقة مُقاربة الدين؟! ألا ترى كيف أن المراهق ذو حماس إنساني رفيع؟!
يقول علماء النفس: «في حوالي سنّ الرابعَ عشرة يخطر السؤال التالي في ذهن أبناء البشر كافة: لماذا قد خُلِقتُ؟» أقول: لا تقمعوا الطفل وتَكُمّوا فمَه! افسحوا المجال لهذا التساؤل. ليس من الضروري أن تفرضوا عليه أمراً، بل ولا أن تعلّموه شيئاً. الله قال لنبيه(ص): «إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّر»، عليك فقط أن تُذَكّر.. أنقرهُ نقرة بسيطة وسينبثق تلقائيّاً. وحين يخطر في بال الفتى أعمق الأسئلة الفلسفية والعرفانية وهو في الرابعَ عشرة فهذا يعني أن الله قد خلقه عاطفيّاً. السؤال: لماذا ترى المراهق عند أول وأعمق سؤال فلسفي في حياته ولدى أول تجربة دينية – تراه قد خُلِق عاطفيّاً؟ لأنه لا بد للأحاسيس والهيجان الثوري أن يصاحب الخطوات الأولى نحو الدين! لماذا تعلّمون الدين بطريقة لا تُوقِد أيّ شُعلة في كيان المراهق؟!! لماذا؟!! أيكون الله قد جعل هذه الإحاسيس فائضة؟! أو وضَعَها دون وَعي؟!! بل أنت الذي لا تفقَه كيف يجب أن تتعامل معها! إنك تلقّن المراهق كلاماً يصلح لسن الأربعين، أو للحظات الاحتضار لتخلق منه متديّناً! اضرم فيه النار!.. إنه جبل بركاني! لقد خلقه الله على أحسن وجه.
ـ أين ينبغي صرف أحاسيس المراهق؟
ـ «عفواً، هذه الأحاسيس فائضة، لا تأخذها في نظر الاعتبار! خُذهُ إلى صف هادئ، وأخضِعْهُ لبرنامج في منتهى النظام. علّمه الدين هكذا بشكل هادئ!»
لماذا خلق الله المراهقَ عاطفيّاً؟ لأن الدين يَشرَع بالأحاسيس. عذراً، هذا الدين نفسه الذي يبدأ بأعمق سؤال فلسفي وهو: «لماذا قد خُلِقتُ؟» السائل يريد أن يفهم حياته. وما هو الجواب على سؤال: «لماذا قد خُلِقتُ؟» هل تعلمون أنه في الأغلب يُجاب عليه بشكل خاطئ؟! ولا يقتنع أكثر الشباب بالجواب، فيتساءل مجدّداً بعد عشر سنوات: حقّاً، لماذا قد خُلقتُ؟ ما المشكلة لو لم اُخلَق؟
إذا سألَك (المراهق): لماذا خُلِقتُ؟ ففسّر له «الخَلق» بـ«الحياة»، قل له: أتعلم ما الحياة؟ فإذا أوضَحتَ له ما الحياة فسيقول: «لا حاجة لأن تخبرني لماذا خُلِقت! كم هو جميل أنّني قد خُلِقت! أي لذة أعيشها لكوني قد خُلِقت!» إنه سيتغازل.. مع الحياة.. نعم مع الحياة! وسيقول: «حقّاً، مَن ذا الذي خلقني؟ لا بد أنّ أحداً ما قد خلقني.. ينبغي أن أعبدَه.. إنّي أعشقه! «رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هٰذا بَاطِلا.»
فاطمة الزهراء(س)، وهي تعبد ربّها عند السَحَر، تتأمّل في السؤال ذاته الذي يقول علماء النفس كافة أنه يتبادر للجميع في سنّ الرابعَ عشرة، فتجيب عليه. من هنا تبعث(س) هذا العشق والاتّقاد والهيجان! تعلمون أن هذه الآية الشريفة هي لسان حال فاطمة الزهراء(س). يقال إن شأن نزولها هو مناجاة فاطمة(س) في جوف الليل: «الَّذينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلْقِ السَّماواتِ وَالأَرْض» حينما خرجَتْ إلى فناء الدار. أخرج للحظات إلى فناء الدار وانظر إلى النجوم، وتفكّر في الحياة! «رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هٰذا بَاطِلا.» هل يا ترى خلقتَها باطلاً؟ أوَيُمكن ذلك؟! هل خلقتَني عبثاً؟! هل خلقتَني لأمرٍ تافه؟!
إذا سألَك (المراهق): لماذا خُلِقتُ؟ ففسّر له «الخَلق» بـ«الحياة»، قل له: أتعلم ما الحياة؟ فإذا أوضَحتَ له ما الحياة فسيقول: «لا حاجة لأن تخبرني لماذا خُلِقت! كم هو جميل أنّني قد خُلِقت! أي لذة أعيشها لكوني قد خُلِقت!» إنه سيتغازل.. مع الحياة.. نعم مع الحياة! وسيقول: «حقّاً، مَن ذا الذي خلقني؟ لا بد أنّ أحداً ما قد خلقني.. ينبغي أن أعبدَه.. إنّي أعشقه!
سلسلة: أشد المفاهيم تأثيراً في حياة الإنسان.