السؤال: لماذا لم يذكر القرآن الكريم أسماء أهل البيت عليهم السلام؟.
الجواب: هذا السؤال نحن اجبنا عليه مرارا وتكرارا في أبحاثنا ومحاضراتنا وبينا بأنَّ ذكر الاسم لم يكن يحل المشكلة، بدليل إنَّ القران الكريم قال لنا: ﴿مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾1 ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾2 هذا قاله في رسول الله صلى الله عليه واله، وقال لنا ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ ورسول الله تواترت عنه الروايات بنصب علي عليه السلام، فهل اخذ بها المسلمون أو لم يؤخذوا؟ بالتأكيد لا.
إذن ليست المشكلة في ذكر الاسم وإلا لو كانت المسالة ترتبط بالاسم فهذا الاسم قد جاء في حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، فكما نحن أخذنا من رسول الله الصلاة، وعدد الركعات، والحج، وما شابه ذلك، طيب لماذا لم نأخذ منه ما يتعلق بالخلافة، هذا أولا.
وثانيا: إنَّ القران الكريم استعمل أسلوبًا أدق من ذكر الاسم، وقد ذكرت هذا الأمر مراراً في دروسي ومحاضراتي، فالقران الكريم عندما يذكر الأسماء لا يذكر الاسم مع سبعة أجداد يقول: نوح أبن فلان أبن فلان أبن فلان.. حتى لا يقع الاشتباه بينه وبين غيره، وإنما الذي يقوله: نوح يقول إبراهيم يقول موسى، طيب افترضوا انه كان يقول علي، محمد، حسن إذن كيف نطبقه إنَّ المراد من علي هذا علي؟.
افترضوا أن الله (سبحانه وتعالى) في القران الكريم انزل آيات ذكر فيها علي طيب من أين يمكن أن نقول أن المراد هذا علي، إذن لابد أن يقول علي زوج فاطمة، أبن أبي طالب، وأولاده الحسن والحسين، وهذه ليست طريقة القران في تعريف الأسماء.
من هنا يتضح:
الأمر الأول: انه لو ذكر لما أثر.
الأمر الثاني: انه لو ذكر أيضا لكان تطبيقه مشكل جداً.
الأمر الثالث: في اعتقادي بأنَّ هناك خطورة شديدة ستتولد على القران الكريم، وذلك باعتبار أن أولئك الذين كانوا يريدون أن ينصبوا الخلافة بعد رسول الله لم يكن لهم طريقا إلا أن يرفعوا الآيات المرتبطة بعلي وأهل البيت ويكتبوا كتاباً خالياً من أسماء أهل البيت عليهم السلام، ونتيجة هذا الذكر، أن يوجد قرآنان، قرآن مرتبط بأتباع أهل البيت، وقرآن مرتبط بعموم المسلمين، فيقع الاختلاف في هذا الكتاب السماوي، وحفظ وحدة القران الكريم أهم من ذكر الأسماء.
الأمر الرابع: أن القرآن الكريم استعمل أسلوباً أفضل من أسلوب ذكر الأسماء، وهو التوصيف، والتوصيف أدق بمراتب من الاسم، لأنَّ الاسم مشترك، والتوصيف ك ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ لا يقبل الاشتباه ولا يقبل الخطأ ولا التطبيق على أي احد.
قال تعالى ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ تعالوا إلى هذا التاريخ الإسلامي أمامكم أعطوني من هو الذي ادعى انه طاهر مطهر ولم يصدر منه أي ذنب أو اشتباه، أعطوني فردا واحد؟.
لا تجدون في التأريخ أحدا، نسب نفسه إلى هذه الآية، بل حتى زوجات النبي التي يصرُّ جملة من فرق المسلمين على أنها نازلة فيهنَّ.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ دلني على إنسان واقعا يشهد الجميع على صدقه، وأنت عندما ترجع إلى التأريخ تجد أن هذه الأوصاف لا تنطبق إلا على أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام باتفاق علماء المسلمين.
* من مقالات العلامة السيد كمال الحيدري.
1- الحشر/7.
2- النجم/3.