هكذا كانت البداية
تطورٌ مستمر وتسارعٌ في التكنولوجيا أصبح هذا العالم فجأة بين أيدينا نرى تفاصيله ونعيش أحداثه من خلال شاشاتنا الصغيرة وأصبحت تلك الشاشات سجننا الكبير. أصبحنا مدمنين قليلي التفاعل سطحيّ الإدراك. فرحنا بسرعة الوصول ولكننا لم نصل أذهلتنا سرعة الإتصال ولم نتصل إختزلنا مشاعيرنا في رسالة وأبوتنا في تغريدة وأمومتنا في مقطع لا يتجاوز العشر ثوان. طهونا الطعام ليس لنأكلها بل لنأخذ له صورة وإجتمعنا لنفقد إحساسنا ببعضنا وإهتممنا بتسجيل اللحظات أكثر من أن نعيشها. سجّلنا مواعيدنا وتذكيراً بها ولم نحضرها. أصبحت الكتب سهلة الحمل ولكننا لم نعد نقرأ إهتممنا بذاكرات أجهزتنا وأهملنا ذاكراتنا. لم نعد ننظر في أعين أبنائنا فبحثوا عن آخرين يشاركونهم يحدثونهم ويلعبون معهم أصبحنا ملولين، مشتتين ومنزعجين نشكو فقدان اللحظة وغياب الإبتسامة وأصبحنا نردد آهٍ يا زمن أول. علاقاتنا الإجتماعية ضعفت وروابطنا الأسرية تلاشت ولم نعد حتى نطيق الجلوس في العالم الحقيقي.
هكذا كانت البداية ولكن هذا لايعني أنها النهاية نستطيع أن نصبح أفضل ونعيش واقعاً أجمل نشعر فيه ببعضنا نصل فيه أرحامنا نساعد فيه المحتاج وننشر المحبة بيننا نتعلم كيف نربي أطفالنا نعيش لحظاتنا ونحتفظ بها للذكرى نقوي روابطنا الأسرية التي تهالكت ونعيش مشاعر حقيقية نعطي كل شيئ وقته عائلتنا وعملنا وأصدقائنا ولا ننسى أنفسنا سنبدأ بداية جيدة غير تلك التي كنا بدئناها وسنتصل ونصل